سورة الزمر - تفسير تفسير القشيري

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الزمر)


        


أي هذا كتابٌ عزيزٌ نَزَلَ من ربِّ عزيز على عبدٍ عزيز بلسان مَلَكٍ عزيز في شأنِ أَمةٍ عزيزة بأمرٍ عزيز. وفي ورود الرسولِ به من الحبيب الأول نزهةٌ لقلوب الأحباب بعد ذبول غصن سرورها، وارتياحٌ عند قراءة فصولها.
وكتابُ موسى في الألواح التي كان منها يقرأ موسى، وكتابُ نبيَّنا صلى الله عليه وسلم نَزَلَ به الروحُ الأمينُ على قلبِ المصطفى صلوات الله عليه , وفَصْلٌ بين من يكون كتابُ ربِّه مكتوباُ في ألواحه، وبين من يكون خطابُ ربِّه محفوظاً في قلبه، وكذلك أمته، قال تعالى: {بَلْ هُوَ ءَايَاتُ بَيِّنَاتٌ فِى صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ} [العنكبوت: 49].


أي أنزلنا عليك القرآن بالدين الحق والشرع الحق، وأنا مُحِقٌّ في إنزاله.
والعبادة الخالصة معانقة الأمر على غاية الخشوع، وتكون بالنَّفْس والقلب والروح؛ فالتى بالنفس فالإخلاص فيها التباعد عن الانتقاص، والتي بالقلب فالإخلاص فيها العمى عن رؤية الأشخاص، والتي بالروح فالإخلاص فيها التنقِّي عن طلب الاختصاص.


قوله جلّ ذكره: {أَلاَ لِلَّهِ الدِّينُ الخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقْرِبُونَا ِلَى اللَّهِ زُلْفَى}.
الدين الخالص ماتكون جملته لله؛ فما للعبد فيه نصيب فهو من الإخلاص بعيد، اللهم أن يكون بأمره؛ إذا أَمَرَ العبدَ أن يحتسب الأجرَ على طاعته فإطاعته لا تخرجه عن الإخلاص باحتسابه ما أمره به، ولولا هذا لَمَا صحَّ أَنْ يكونَ في العَالَم مُخْلِصٌ.
{وَالَّذِينَ اتَّخَذُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَآءَ...} أي الذين عبدوا الاصنام قالوا: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَآ إِلَى اللَّهِ زُلْفَى}، ولم يقولوا هذا من قِبَلِ الله ولا بأمره ولا بإذنه، وإنما حكموا بذلك من ذات أنفسهم، فَرَدَّ اللَّهُ عليهم. وفي هذا إشارة إلى أن ما يفعله العبد من القُرَبِ بنشاطِ نَفْسِه من غير أن يقتضيه حُكْمُ الوقت، وما يعقد بينه وبين الله مِنْ عقودٍ ثم لا يَفِي بها.. فكل ذلك اتباعُ هوًى، قال تعالى: {وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلاَّ ابْتِغَآءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا} [الحديد: 27].
قوله جلّ ذكره: {إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِى مَنْ هُوَ كّاذِبٌ كَفَّارٌ}.
لا تَهديهم اليومَ لدينه، ولا في الآخرة إلى ثوابه. والإشارة فيه إلى تهديد مَنْ يتعرَّض لغير مقامه، ويدَّعي شيئاً ليس بصادقٍ فيه، فاللَّهُ لا يهديه قط إلا ما فيه سَدادُه ورُشْدُه. وعقوبتُه أَنْ يَحْرِمَه ذلك الشيءَ الذي تصدَّى له بدعواه قبل تَحققِه بوجوده وذَوْقِه.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8